تصريح السيد وزير الداخلية بأن تهاون القضاء العراقي مع المحكومين بجرائم الإرهاب هو من أهم أسباب الفوضى الأمنية التي تندلع بين فترة وأخرى مسببّة مقتل المئات من العراقيين ومنها جرائم الأربعاء الدامي وتفجيرات يوم الأحد الأسود، هذا التصريح يثير الأستغراب. ربما كنّا سنهز رؤوسنا لنثّني على ما قاله السيد جواد البولاني في بث مباشر مع قناة العراقية يوم أمس لولا إننا جميعاً نعرف بأن الموضوع أكبر وأعقد من ذلك بكثير.
فقد تحوّل الإرهاب الى صناعة متكاملة، لها أصولها "الحرفية" وتمويلها المالي الضخم الذي يُعتقد إنه يتجاوز ميزانيات دولة من دول الجوار، ومساجده وأئمته الداعون علناً الى إبادة الآخر، ودعاته وأحزابه التي تدعمه من داخل العملية السياسية ومن تحت قبة البرلمان ومن مواقع عليا تصل الى ما لا يستطيع المواطن تصورّه، وعلى عينك يا تاجر. وهذا يعرفه السيد وزير الداخلية.
وله أيضاً ضحاياه الذين يتساقطون كأوراق الأشجار الصفراء في عاصفة خريفية ظالمة. هم أبناء العراق ونسائه وأطفاله، ولايهتز جفنُ أحد لموتهم الشنيع.
وله المستفيدين منه من خارج دائرة الأحزاب والتكتلات التي تسانده، في الأحزاب التي تطارد الإرهاب في العلن وتستفيد منه أقصى إستفادة في الخفاء لتحصد أرباحاً سياسية وأمتيازات وعوائد مالية على حساب جثث العراقيين المتفحمة.
أما دول الجوار التي تجنّب السيد البولاني الإشارة إليها بدبلوماسية يحسد عليها فهي الأخرى لها نصيبها في السيرك-المأتم.
وإذا كان السيد وزير الداخلية لايرى هذا كلّه ولايحسب حسابه فالأفضل إذن أن نردد معه الشعار الشهير الذي كان الثوريون بعد 14تموز1958 يرددونه مطالبين بتنفيذ عقوبة الإعدام بأعداء الثورة: ماكو مؤامرة تفوت والحبال موجودة.
الحقيقة التي عرفها الثوريون وشاهدوها بأم عيونهم فيما بعد إن الحبال والمشانق لم تُنجِ 14 تموز ورجالاتها وأنصارها من السقوط.
الحل لايكمن في عدد الحبال المرفوعة وطول تلك الحبال التي ستجلب معها حبالاً أكثر طولاً وأشدّ وحشية، بل فيما هو أكثر من ذلك ياسيادةالوزير: أن تعترف الحكومة بعجزها وتعلن تنحيّها عن السلطة وأن يُصار الى تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية بلا طائفية أوعنصريةومحاصصة مقيتة، حكومة تتكون من المخلصين من أبناء العراق وبناته لا من حملة شهادات الدكتوراه المزورة في سوق مريدي، حكومة تثق بها الأمة وتعرف إنها تضع حياة العراقيين بالدرجة الأولى في سلّم أولوياتها..
هذا هو الحبل الذي سيلتّف على رقبة الإرهابيين والمفسدين وبائعي الكباب والفجل الذين أصبحوا قادة سياسيين في وطن يموت أبنائه كل يوم تحت سمع وبصر قادة المرحلة وأبطال دوامة العملية السياسية وفرسان الصولات الفارغة، والنواب في روضة زعاطيط البرلمان العراقي الذين لم ينجحوا، حتى بعد مشاهدتهم للدم العراقي الرخيص وهو يسيل بخجل في شوارع الصالحية، في الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات.
قد نتفّق جدلاً مع السيد وزير الداخلية جواد البولاني ونعترف إن الحلّ يكمن في تفعيل أحكام الإعدام ولكن السؤال هنا هو: إعدام مَنْ يا معالي الوزير ؟؟
سعد الشديدي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
شهداء الضمير والكلمة الحرّة ضحايا ارهاب الاسلاميين
ديوان وصايا الليل والنهار
عن دار الحكمة في لندن صدر ديوان وصايا الليل والنهار للشاعر سعد الشديدي
-
مسوّدة ناقصة لصلاة الغائب سلامٌ على قمرِ الخوفِ يومَ يمرُّ علينا، فنسهرُ قربَ الحواجزِ، محترقينَ ... ومفترقينَ لنأكلَ خبز َالأناشيدِ حينَ ...
-
عرضت قناة العربية مساء أمس فيلماً وثائقياً عن برنامجٍ تدريبي لقوة أمريكية في طريقها الى العراق وكيف يتم إعداد المقاتلين الأمريكيين لمواجهة ا...
-
سعد الشديدي وردٌ لإمي وهي تغسلُ وجهَ بغدادَ القديمةِ ... بالمناديلِ النظيفةِ والسحابِ، وردٌ لها، ولصمتها المفهومِ والحزنِ الجليلِ اذا دنى وق...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق