الليلة، حلمتُ أن آثار أقدامي
تسيلُ على ترابٍ غريب
مرةً ترقصُ في ضوضاءِ البرق
وأخرى تقفُ مندهشة تحت شجرة...
تنصتُ لبراعمها تتهجى سورة التوبة.
رأيتُ أنْ لاسماءَ
ولا أرض.
ليس سوى الماءُ يأخذ آثار أقدامي
الى قيعان غائرة.
حيث لاشمسَ .. ولانجوم.
لاليلَ.... ولانهار.
وحدها الحكايةُ وضعتْ نورَ الخطى في نجمةِ الذاكرة،
ورسمت طريقاً على أصابعِ الماءِ،
شارعاً..
تصطف عليه قناديلُ... مطفأة.
هل كانوا قبيلاً من الجنّ عائدينَ للتو من مهرجانِ ﭬفالانتاين؟
في منعطفِ الظلمة،
يحترقُ عازفُ أوكورديون أعمى،
يعزفُ لحناً مقدونياً حزيناً..
ويغني ...................
كنتُ في جيش الإسكندر ... الأكبر.
جندياً في جيش فيليب وبعده الإسكندر.
جبتُ أفاقاً لم يقرأ عنها أرسطو.
رأيتُ بلاداً أذكرَ أسماءها واحدةً واحدة.
هدمتُ حصوناً ..
وبنيتُ مدناً كتبت على جدرانها أسم سيدي .. الأسكندر.
شربتُ بكفيَّ ماء النيل
وكؤوساً مترعةً بنبيذ الرها.
تنفستُ هواء هضابِ أرمينيا
وأغتسلتُ في حماماتِ بورسيبوليس.
وما وقف بوجهي أحد،
لأنني كنت جندياً في جيش الإسكندر .. الأكبر.
تزوجتُ نساءاً من الأنسِ،
وصبايا من النار..
رقصتُ عارياً مع الحورِ العين
وسامرتني نساءُ الجزيرةِ التي أغرقها الحزنُ ودموعُ السماءِ الحمراء،
فقد كنت جندياً في جيش الإسكندر .. الأكبر.
سقطتُ عن صهوةِ جوادي..
وتقاسمَتْ جسدي نسورُ الجبالِ وسيوفٌ تقطرُ السمَّ من معدنها.
ولم أشعرْ بالألمِ ولابالحزنِ،
لأنني كنت جندياً في جيش الإسكندر .. الأكبر.
أكلتُ الشعيرَ والملح
الشوفانً والرمل،
الحجرَ والماء.
شبَّتْ أبنتي عن طوقِ انوثتها
وتزوجت من رجلٌ لا أعرفه..
ماتتْ أمرأتي ولم ألقِ على قبرِها حفنة تراب ولاوردة سوسن.
ما دمعتْ عينيّ
ولا لمسَ الحزنُ أوتارَ سيفي،
لأنني كنتُ جندياً في جيش الإسكندر .. الأكبر.
دخلتُ بابل. ضاجعتُ أجملَ نساءها
صببتُ الخمرَ على رؤوسِ كاهناتها،
أحرقتُ حقولها
وأغرقتُ بساتينها.
غضبتْ عليّ السماء
والناسُ .. بصقوا في وجهي
فما أهتزتْ في جسمي شعرة،
لأنني كنت جندياً في جيش الإسكندر .. الأكبر.
وعلى حدودِ الممالكٍ القصيّة
أخذتُ الريح عينيّ
وأعطتني بدلاً عنها.. ظلاماً لاأرى فيه كيف ترتفعُ السحابةُ
ومتى تفقسُ بيوضَ الطيرٍ على سطوحِ المنازل.
وسارَ جيش الإسكندر.. الأكبر.. الى فتحٍ جديد،
تاركاً جندياً أعمى على قارعةِ طريق .. قريباً من حدود الممالكِ القصية.
حينها بكيتُ،
لأنني كنت يوماً جندياً في جيش الإسكندر .. الأكبر.
.............................
.............................
.............................
.............................
.............................
حلمتُ أن آثار أقدامي
عادت الى مكانها على تراب غريب..
سكنتْ على صدري في هدوءٍ ثقيل،
وهمستْ:
أوكورديونك.. إحمل أوكورديونكَ
وأمضي ॥ قبل أن يأتيك جيش الإسكندر .. الأكبر।
سعد الشديدي
ليلة فالانتاين 2010
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
شهداء الضمير والكلمة الحرّة ضحايا ارهاب الاسلاميين
ديوان وصايا الليل والنهار
عن دار الحكمة في لندن صدر ديوان وصايا الليل والنهار للشاعر سعد الشديدي
-
مسوّدة ناقصة لصلاة الغائب سلامٌ على قمرِ الخوفِ يومَ يمرُّ علينا، فنسهرُ قربَ الحواجزِ، محترقينَ ... ومفترقينَ لنأكلَ خبز َالأناشيدِ حينَ ...
-
عرضت قناة العربية مساء أمس فيلماً وثائقياً عن برنامجٍ تدريبي لقوة أمريكية في طريقها الى العراق وكيف يتم إعداد المقاتلين الأمريكيين لمواجهة ا...
-
سعد الشديدي وردٌ لإمي وهي تغسلُ وجهَ بغدادَ القديمةِ ... بالمناديلِ النظيفةِ والسحابِ، وردٌ لها، ولصمتها المفهومِ والحزنِ الجليلِ اذا دنى وق...