(1)
هي التي رأت كلّ شئ..
فألهجي بذكرها يا بلادي.
هي التي اسرفت في زينتها
حتى حسدتها الحُرّة والبغيّ.
وهي التي تخمّرت في جرار الزمان
حتى صارت كأشهى ما يكون النبيذ.
(2)
تناسلت في قطرات المياه العميقة..
في عرق الأله آبو،
الذي سال على جبين البراري.
و رقصت شرارةً وحيدةً
على دقّاتِ قلبِ البقرة الوحشية ننسون.
تناسخت شرارةٌ وحيدةٌ
ودارت في السموات السبع باحثة عن نطفةٍ
تستقرّ بها.
فما وجدت غير أغصانِ الرمّان.. وقنواتِ
البساتين،
تلك التي ترنحت على اصابع الحَلْفاء،
وريش طائر الشقراق الحزين.
(3)
عندما تغادر أزقتها
وجدران معابدها
وعتبات بيوتها
وأعشاشَ عصافيرها
فهي تفعل ذلك عن قصد.
وعندما تنشر شعرها لتلوّح به في الأعالي
في رقصة من رقصات نساء ارض السوادِ..
فهي تعرف ما تصنع.
............................
............................
لم تبرح يوماً اسوارها
وما رقصت حتى لعشاقها.
واسألوا بواباتها وابراج حصونها،
كيف كانت تنوح باكية على قطرات الدمّ الذي
سال
على اسفلتِ شوارعها.. وجدران اسواقها.
(4)
آه يا ولدي..
يا حبيبي..
يا سيدي..
ما الذي فعلتَ لتقع في البئر الذي تشرب
منه أكباش الرعاة؟
ما الذي فعلتَ لتغيب في بطن الحوتِ
متنقلاً من ظلمةٍ الى ظلمة؟
ماالذي فعلتَ لتجوع وتعرى وانتَ سيد هذه
الأرض..
لك الماء..
والذهب..
ولؤلؤ البحر واطواق المرجانِ والياسمين..
فلماذا يسوقونك كالعبد من أرضٍ الى أخرى
ومن قبوِ الى قبو؟
(5)
ولكنها ماارتعشت ولا سالت لها دموع.
رموا عاشقها بالحجر،
ورمته بقدّاح البرتقالة المتشردة..
فصاح حتى رددت السهولُ ما كان يقول:
الآن.. الآن فقط.. آلمتني ايتها المدينة.
ما تحركتْ وما أهتز لها جَفن.
وما تعالى صراخها..
ساكنة ظلّت.
تشعر السماءُ بأنفاسها خارجةً من جوفها،
و اسألوا عاشقها
فقد بكى عليها وما بكت عليه.
ولكنها خرجت ناثرةً شعرها في الأعالي.
لتدثّر النجوم وكواكب الصبح.
وتدفأُ بانفاسها اوصال البيوت وسعف النخيل.
فهي تعرف ما تصنع.
(6)
وضعتْ الكرخَ على ثديّ
والرصافة على الآخر..
وغنت لهما حتى شبعا وناما.
(7)
نفخت على النار
وضعت عليها قِدراً
واغدقت الطحين والسكّر.
رمت فيه النهرين العظيمين
وقباب معابد اوروك الذهبية
وطيلسان أورنمو،
وقصائد الطوفان الذي لم يأتِ بعدُ.
وذابت فيها.
- الآن سأصنع لحبيبي طبق الحلوى الذي
وعدت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق