الاثنين، يونيو 19، 2023

حَنين مُوازٍ

 حَنين مُوازٍ


الْحَنِينُ دَوَاءٌ

وَدَاءٌ يُجَمِّلُ بَعْضَ الحَمَاقَاتِ وَالْهَفَوَاتِ.

الْحَنِينُ صَلَاةُ المُفَارِقِ فِي حُلْمِهِ

قَبْلَ الْوِلَادَةِ فِي الْفَجْرِ

وَفِي اللَّيلِ بَعْدَ الْوَفَاةِ.

سَمَاعُ نَجَاةَ الصَّغِيرَةِ مِنْ شُرْفَةِ الْجَارِ

وَقَضَاءُ السِّنِينِ الطَّوِيلَةِ فِي غُرْفَةِ الْانْتظارِ.

الْحَنِينُ مُحَاوَلَةٌ فِي الْفَرَاغِ لِإِعَادَةِ فَصْلٍ قَدِيمٍ

مِنَ الْمَسْرَحِيَّةِ دُونَ الْمَسَاسِ بِلَوْنِ السِّتَارِ.

شَرِيطٌ تَهَرَّأَ مِنْ شِدَّةِ الدَّوَرَانِ

وَمَا زَالَ يُكَرِّرُ نَفْسَ الْأَسَاطِيرِ عَنْ وَطَنٍ

وَعَلَاقَةِ حُبٍّ تمُوتُ فَنَأْخُذُهَا لِجَنَاحِ الطَّوَارِئِ

فِي الْقَلْبِ أَوْ فِي شُقُوقِ الْجِدَارِ.

بَعْقُوبَة


بَعْقُوبَة


بوّابةُ البيتِ كانت رماديةً.

الآن سوداءَ شاحبةَ اللونِ،

الرصيفُ ليس نظيفاً كما كانَ.

والنُهير - خريسانُ – لا زالَ يجري

الى مستقّرٍ لهُ في البساتينِ.

لا بأس ...

فالبقايا تقولُ بأنّ الخطى أصبحتْ أثقلَ من قبلُ،

أنّ الطريقَ الى سُلّم الدار، أطولُ مما تعوّدتَ

وأنت تهّمُ بأن توقظَ البابَ من نومهِ

وتُعيدُ له لونَهَ والحياة.

هيهات ...

هيهات.

الخميس، ديسمبر 01، 2022

مسوّدة ناقصة لصلاة الغائب



مسوّدة ناقصة لصلاة الغائب


سلامٌ على قمرِ الخوفِ

يومَ يمرُّ علينا،

فنسهرُ قربَ الحواجزِ،

محترقينَ ... ومفترقينَ

لنأكلَ خبز َالأناشيدِ حينَ نجوعُ

ونشربُ ماءَ الهتافِ.

سلامٌ على رغبةِ الموتِ فينا

ونحنُ نحاربُ دونَ انتماءٍ

وحين نغامرُ دونَ احترافِ.

على لغة الضادِ تجمعُ أشلائَنا

من حطامِ الكلامِ "الضروريّ"،

كلَّ انفجارٍ وتعرِضُها في ثيابِ الزِفافِ.

سلامٌ على الوطنِ العربيّ

يوّزعُنا في بلادٍ تُصدّرُ تاريخَها لقصيدِ الرثاءِ 

وأطفالهَا للرصيفِ

وأشجارَها للقبورِ

وأبناءَها للمنافي.


10 كانون الثاني 2009
 

الأحد، نوفمبر 06، 2022

سيلفي مع شرطة الأخلاق

 

سيلفي مع شرطة الاخلاق


قوانينُ شرطةِ الأخلاقِ تمنعُ النحلَ أن يمارسَ الحبّ مع زهرةٍ مراهقة.
شرطةُ الأخلاقِ ...
ترى القبلات قبلَ أن يقترحها الهرمونُ الذكريّ للعاشق.
تقطعُ اليدَّ التي تمتدّ باحثةً عن دفء.
تفرّقُ بين الكمثرى والماءِ الباردِ في الصيف.
تغطي رأسَ الغزالةِ بورقةٍ من كتابٍ سماويّ.
تغلقُ الفنادقَ أمامَ الربيع.
تضعُ الحواجزَ لخيول تتشكلُ في غيمةٍ مهاجرة.
تصبغُ الشوارعَ باللونِ الأسودِ وتقولُ: هذا هو الله.
تسبقُ الفكرةَ قبلَ أن تُصبحَ همسةً بين شفتين.
تُصادرُ قَصّات الشَعر، وتحاصرُ طلاءَ الأظافر.
تغلّفُ الشوكولاتةَ الساخنةَ بعباءاتٍ بلهاء.
تطاردُ البجعَ الراقصَ على حدودِ مخيماتِ الغجر.
تعتقلُ النسيمَ الذي يسافرُ بين نهدينِ ووردة.
تطلقُ الرصاصَ على فساتينِ السهرةِ واستدارةِ الكعبِ العالي.
تمنع تجوالَ مواعيدَ الحبِّ في الشوارعِ المزدحمة.
تحيلُ المطرَ الى القضاءِ إذا لامسَ وجهَ فتاة.
تقتلُ الأشجارَ لتشرب الفضيلةُ من دمائها.
تجلدُ قصائدَ الحبّ التي تخدشُ حياءَ الذباب.
تعلن الجهاد على أنوثة تهربُ من سجن السماء.
وتقتلُ 21 ربيعاً ليكونَ خريفاً الى أبد الآبدين.


الجمعة، سبتمبر 30، 2022

حارس أبوب المتفرجين

حارسُ أبوابَ المتفرجين

 

كأنّي ورثتُ حروفي عن الغيبِ

أو من أرضِ كنعان،

حيثُ الخيولُ تسابقُ فرسَانها

وأميّ تخيطُ النهارَ قميصاً لأختي الصغيرة.

ودون اجتهادِ،

كتبتُ حروفي الثلاثةَ

1- بالأكديةِ

2- والنبطيِّة

3- والخطّ السريانيّ – العربيّ، بعد عبور الزمانِ وموجِ الفراتِ الى يومنا.

أعملُ في أيّ شيء يصادفُني

ولا أستعينُ سَوى بنفاذِ البصيرةِ

والصبرِ ...

والاكتفاءِ بعينينِ مفتوحتينِ!

أسكنُ أيّ مكانٍ يناسبُني.

منزلٌ فوقَ سفحٍ يطلُّ على غابةِ السروِّ،

حانةٌ تغلقُ الفجرَ أبوابَها وتتركُنا نائمينَ على الطاولات،

بيتٌ قديمٌ تُعرّسُ فيه الأفاعي

وتسكنهُ الجنُّ والذكريات،

أرض مطارٍ أكادُ أموتُ منَ البردِ فيها

فتحملني الطائرات.

لا بالطويلِ ولا بالقصيرِ ... أنا،

عينايَّ سوداوان فاحمتانِ،

ووجهي كوجهِ أبي،

مطرقٌ،

وأكلّمُ نفسي.

نِصفي الذُكوريّ يحاورُ نِصفيَّ الأنثويّ

ويتفقانِ مِراراً

ولكنَّ طفلاً صغيراً

يفرّقُ بينَ الذكوريّ والانثويّ.

فأبقى يتيماً!

حين تندلعُ الحربُ

ينهمكُ الآخرونَ بترتيبِ أوهامِهم.

وابتداعِ أساليب أخرى

لقتلِ رجالِ الضفادعِ والوقتِ.

أما أنا،

فليسَ أمامي سَوى أن أطلَّ على مشهدِ الموتِ،

وأحفظُ ما أستطيعُ منَ البانوراما.

أحوّلُها صوراً من خيالٍ أثيرٍ

يلاحقُني أينَما كنتُ.

هذهِ متعتي!

تزوجتُ عطرَ الترابِ

وضوءَ الكواكبِ

والنارَ

وحين بلغتُ الكهولةَ

طلّقتُها بالثلاثِ ...

وانتظرتُ سنيناً على مضّضٍ

لعلّي أرى امرأةً تتركُ رائحةَ اللهِ

في لغتي

وفي موقدِ البيتِ،

وبينَ ملابسِ فصلِ الخريفِ

وتحتَ الأثاثِ.

مثل ملائكةٍ يكتبون تقاريرهم لإلهٍ بعيدٍ،

ولا يعبئونَ إذا أوصدَ الناسُ أبوابَهم وضمائَرهم... أتفرجُ.

كعالمِ انثروبولوجيا ...

لا يتدخّلُ حينَ يثورُ البدائيُّ فينا

ويقتلُ في السرّ اخوتَهَ

ليقدِّمَ أضحيةً من ضفائرِ زوجاتِهم.

أراقِبُ ما يتناثرُ في ترهاتِ الكلام.

وماذا؟

أكتبُ ما لا أراهُ

وما لا يُريدُ المغنيّ سَماعَ تَفاصيلهِ.

ها هوَ اليومُ انتهى.

والظلامُ التامُّ يَمحو أثرَ الظلِّ

على الجدرانِ.

النعناعُ في أحواضهِ يَبكي

وشباكٌ قديمٌ - أثريٌّ رُبّما،

يمنحُ الطائرَ بيتاً من زجاجٍ خافتٍ

وستاراً كانَ يوماً أحمراً.

ينظرُ الطائرُ في فنجانهِ

يقرأ الحظَّ بلا صوتٍ ويُصغي:

لَم تعدّ تكفي لكَ الروحُ،

تحتاجُ روحينِ أخرى

وشمساً تطلُّ على القلبِ.

ما زلتُ أنظرُ ... أتفرّجُ.

تساقطَ ثلجٌ كثيرٌ

على معطفِ الليلِ

ولم ينتهِ بعدُ ذاكَ الصدى.

سأبقى على سطحِ داري

أراقبُ جاري

وأحدّثُه

أني ورثتُ حروفي عن الغيب

وأعملُ في أيّ شيء يصادفني

أسكنُ في أيّ مكانٍ يناسبني

وأني تماماً كما قد يراني... لا بالطويلِ ولا بالقصيرِ

تزوّجتُ عطرَ الترابِ وضوءَ الكواكب والنار،

وأنّي تفرجتُ حتى ملّلتُ من السلمِ والحربِ

وما زلتُ أحلمُ بامرأةٍ تسكبُ رائحة اللهِ في لغتي

فأغمضُ قلبي..

أنامُ على صوتها

وتحترقُ الصورُ المنتقاةُ وأفلامُ ذاكرتي.

 

سعد الشديدي

الثلاثاء، يونيو 07، 2022

وطنٌ لا شريكَ لهُ

 

وَطنٌ لا شَريكَ لَهُ

 

أيها الوطنُ

ابتعدْ عنّي – رجاءً –

كي أغيبَ دقيقةً

وأعودُ أحفرُ في حَياتي

لأُعيدَها شيئاً فَشيئاً للطبيعةِ.

أمشي الى القنديلِ فوقَ الجسرِ مبتهجاً

لتعبرَ أمنياتي

للجانبِ الشرقيّ من رُوحي

وتسكنُ غابةَ الطرقِ السريعةِ.

أيها المخفيُّ في المبنى

وفي المعنى

بين العشبِ

والجذرِ السويِّ

لصورةِ الحنّاءِ

في كفّ ابنتي

وسعالِ جدّي.

أيها المحظورُ في كتبِ الخليقةِ

المنشورُ في لوحٍ يطوفُ على مياهِ الغمرِ

مثلَ اللهِ في ألواحِ موسى.

هل أغادرُ شاطئاً رست الملوكُ على شرائعهِ

وحاصرهُ الجنودُ.

لا شيء أخسره هنا

فالنهرُ ملِكي والسماءُ لها حدودُ..

والارضُ للعشبِ الطريِّ

وإنْ عادٌ بِها عاثت

وإنْ بادت ثمودُ.

البيتُ مفتوحٌ لرائحةِ الطعامِ وعطرِ سيدةٍ تغني طفلَها:

أيها الزمنُ أقتربُ منّي رجاءً!

كي أغيبَ للحظةٍ وأعودُ أحفرُ في الرمالِ

لا أسمَ يُرضيني لأكتبهُ على ظهرِ الهلالِ.

فلا الغرانيقُ العلى يكفينني زمني،

ولا وطناً يليقُ بغربتي!

جَدّي من الأنباطِ في كوثى،

وأمي من بلادِ الشامِ …

كِنعانيةٌ … حِنطيةٌ

تَحثو الترابَ عَلى جَبينِ الدهرِ.

وتُحوكُ شالاً للوليدةِ قبلَ مولدِها

وأحياناً تطّرزُ ثوبَها بالوردِ.

كانت صدفةً أني وُلدتُ هُنا..

وآليتُ البقاءَ على تُخومِ الريحِ

قربَ عاصمةِ النساطرةِ الذينَ تَناسخوا دُوَلاً وقرآناً.

آليتُ أن أبقى لأسمعَ صوتَ أميّ

وأبي يُباركُ قاربَ الصيادِ في نهرِ الفراتِ.

عندَ الصباحِ يُعدُّ قهوتَهُ

ليَسقيَّ سنديانَ همومِهِ.

في ليالِ الصيفِ

يأتي الجُباةُ ليكتبوا أسماءَنا

ويأخذوا عُشرَ الخليفةِ

والزكاةِ.

يصحو الترابُ …

يخبئ الكتبَ القديمةَ تحت جلدِ الأرضِ

يعيد ترتيب الحروف لمصحفٍ

قالوا بأن عليه آهاتُ بن مسعودِ الصحابيّ

الذي لم يبقَ منه سوى سياطاً في خبايا ظهرهِ

وصلاتهِ… كالوشمِ.

ويسوقُ رعاةُ الحكاياتِ قطعانَهم

إذ ينتهي الأفقُ …

يستحيلُ رماداً 

وتأتي قريشٌ بفرسانِها

لتأخذَ حقَّ الإلهِ وفائضَ قيمتِه.

يقتحمون سلالَ الخضارِ

ولا يتركونَ سوى قلقاً مزمناً في عيونِ الصغارِ.

الجباةُ يعودونَ دوماً الينا

ليَختبروا صبرنا.

أنتَ، أنت هو الصبرُ

فيكَ بدايةُ هذا السراب وباطنُ كفيّه.

وما دمتَ حياً وتمشي ولو زاحفاً

فأنت لنا واحدٌ أحدٌ

لا شريكَ له.

الأربعاء، مايو 25، 2022

مظفرُ القَطا والسنابل

 



مظفرُ القَطا والسنابل

 

لا نجيدُ المراثي كما يجبُ،

وحينَ نحاولُ تقليدَ آباءنا السومريين

يجفلُ فينا الرثاءُ

ويكبرُ في أوراقنا النَصبُ.

أوَ نحنُ الذين وُلدنا من الماءِ والطينِ

ثمّ ابتعدنا عن الجرفِ خمسينَ عاماً؟

الذين نمدّدُ أرجلَنا أكثرَ مما يطيقُ غطاءُ الوطن؟

لماذا نعودُ الى بلدةٍ أجهشت بالغبارِ

وما زالَ فيها قوانينُ صارمةٌ لقياسِ البكاءِ

ونوعِ الحنينِ ولونِ الشجن؟

تحدثني جدّتي: كانَ مظفرُ يأتي مع خالكَ جعفر

ويجلسُ في طارمةِ البيتِ...

أنسى البقيةَ ولا أتذكّرُ شيئاً

ولكنني أنصتُ في هاجسٍ حائرٍ لامرأةٍ

تفرشُ الأرضَ بالعشبِ

وتختصرُ العمرَ في ليلةٍ من ليالي البنفسجِ.

أأنتَ الدليلُ الى أرضِها؟

أنتَ دليلي – على أيّ حالٍ – الى غربةٍ أصبحت سكناً دائماً.

ما عدتَ تجلسُ في شرفةِ البيتِ،

فليس سوى غرفٍ في فنادق مسكونةٍ

بعناكبَ بينَ الوسائدِ

تبيضُ لَنا رايةَ القرمطيّ لتأكلَها بعدَ حينٍ،

وسلالمُ مفروشةُ بالخياناتِ

مرصوصةٌ في كتابٍ مكينٍ!

تعودُ، الى أين؟

لأرضٍ تعاندُ أبناءَها؟

لسماءٍ تحومُ على موجةٍ .. ليسَ على بوصلة؟

تعودُ لمن؟

للذي غيّبَ النارَ والأسئلة؟

كنتَ توقظُنا مثلَ ديكِ الصباحِ الذكيّ

تُسرّحُ شعرَ السنابلِ

كي يستريحَ القَطا تحتها،

ويمرُّ القطارُ على ظلِّ زقورةٍ درسَت.

الترابَ الذي تتوسدُّ ليسَ فِراشاً

لمن يرتدي ثورةَ الزنجِ تحتَ الثيابِ.

أواني الزهورِ التي رُصفت

على العلمِ الوطنيّ

تغامرُ بين التمرّدِ في لحظةٍ

وسكونِ الغيابِ.

ها أنت ثانيةً تزورُ المنايا*

لتبقى على جسرها عابراً ما استطعتَ.

والمراثي التي لا نجيدُ كما يجبُ

توصدُ البابَ هامسةً:

دعوهُ يعودُ الى نطفةِ المتمردّ حينَ يريدُ

وحيث تسيرُ الزوارقُ متعَبةً

يوّدعها البرديُّ والقصبُ.

 

2022-05-24

شهداء الضمير والكلمة الحرّة ضحايا ارهاب الاسلاميين

ديوان وصايا الليل والنهار

  عن دار الحكمة في لندن صدر ديوان وصايا الليل والنهار للشاعر سعد الشديدي